صفحة جديدة مع الشرطة

نجحت ثورة الشباب والحمد لله بالإطاحة بالنظام السابق الذى جثم على رقاب شعب مصر على مدار ثلاثين عامًا، ولعل من حسن الطالع أن يوافق هذه الثورة (٢٥ يناير) عيد الشرطة المصرية، فيكون هذا اليوم رمزاً للتصدى للاحتلال الخارجى، وأيضاً للاحتلال الداخلى من طغاة النظام السابق، لقد كانت للشرطة علاقة مع هذه الثورة، فأولاً كانت هناك تجاوزات من الشرطة.. تجاوزات تجاه شعب مصر قبل الثورة وطوال ثلاثين عامًا فى معاملة المواطنين بأقسام الشرطة وفى تجاوزات مباحث أمن الدولة، بل يمكن القول إنها أحد الأسباب التى تسببت فى قيام الثورة، وثانيًا حدثت تجاوزات من الشرطة أثناء الثورة!!.

لكن هل يصح يا أهل مصر أن نعمم ويكون «كل» رجال الشرطة منبوذين من كل أبناء الوطن إلى هذا الحد؟ هل يصح أن يضخم الإعلام المصرى خاصة برامج «التوك شو» أى تجاوز للشرطة وكأن الدنيا قد قامت؟!.. ونضرب على ذلك مثالين: الأول واقعة المعادى التى أطلق فيها الضابط عياراً ناريًا أصاب سائق ميكروباص، لقد تحامل بعض الإعلاميين على الضابط رغم أنه كان فى حالة دفاع عن النفس، وقد برأته النيابة فيما بعد!!، المثال الثانى واقعة الفيديو المتعلقة بما قاله مدير أمن البحيرة مخاطبًا قواته بأنهم أسياد كل من يخرج على القانون.. لقد هاجموه هجومًا عنيفًا على هذه الكلمة، وتناسوا أنه كان يتكلم عن الخارجين على القانون!!.. دعونا نعترف بأن الشرطة قد أخطأت بالفعل، ولكن أيضًا دعونا نتفق على الآتى:

١- أن خطأ الشرطة فى الماضى كان خطأ سياسات، وليس خطأ أفراد بالدرجة الأولى، وهذا الخطأ يسأل عنه وزير الداخلية الأسبق ومساعدوه وليس الضباط الصغار.

٢- أن السياسات الخاطئة لوزارة الداخلية كانت بعلم القيادة السياسية وتغاضت عنها للبقاء فى الحكم أطول مدة ممكنة وللمساعدة فى التوريث من بعده.

٣- الشرطة لا يمكن أن تعمل بكفاءة وهى مهزومة داخليًا.

٤- الشرطة يجب أن تعمل بكفاءة وأقوى مما كانت لكى يعود الاستقرار ويتحقق الأمن حتى ينهض الاقتصاد وتعود السياحة وتتمكن الدولة من إحداث تغيير ديمقراطى بإجراء استفتاءات وانتخابات قادمة.

٥- لابد أن يعى الجميع بمن فيهم شباب الثورة أن هذه الثورة لن يتحقق لها النجاح وتحقيق كل أهدافها إلا فى ظل شرطة قوية.. وفى هذا المجال أقترح الآتى:

أولاً: أن يصدر عفو عام عن الضباط الصغار الذين اتهموا ولا أقول أدينوا فى الأحداث الأخيرة، وذلك لرفع الروح المعنوية لرجال الشرطة.

ثانيًا: تقتصر المحاكمات على وزير الداخلية الأسبق وكبار مساعديه الذين لهم سلطة اتخاذ القرار.

ثالثاً: محاكمة القيادة السابقة عن تجاوزات الشرطة فى عهده إلى أن وصلت إلى هذا الحد - وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم.

رابعًا: أن تغير وزارة الداخلية من سياساتها بأن تكون فى خدمة الشعب وليست فى خدمة الحاكم.

خامساً: أن يقوم الأهالى أنفسهم بإصلاح وترميم أقسام الشرطة التى تهدمت تصالحًا مع الشرطة وتخفيفاً للعبء عن ميزانية الدولة.

سادساً: أن يتجاوز شباب الثورة عما حدث ولا يكون هدفهم فقط القصاص، بل يجب أن يساهموا فى عودة الشرطة فى ثوبها الجديد إلى مواقعها جميعاً.

سابعًا: أن يعمل وزير الداخلية الجديد فى محورين أساسيين: إعادة بناء الشرطة داخلياً، والثانى التعامل الذكى والسريع مع الإعلام سواء بنفسه أو من خلال إدارة إعلام ذات كفاءة عالية.

تاسعًا: رفع رواتب رجال الشرطة حتى نتجنب انحرافاتهم ماديًا.